لا تقتل الطفلة في زوجتك

Book-Cover

مقدمة

عزيزي الزوج، زوجتك نكدة، لحوحة، لم تعد كما كانت من قبل وأصبحت جافة ولم تعد هناك متعة، تشعر أنك متزوج من دسوقي صاحبك.. أمر صعب فعلًا.. أشعر بك.. ولكن بما أنك قد وقعت في الفخ، أو لم تقع ولكن شعرت بأن الدنيا مظلمة من كلام أصحابك المتزوجين،  فكتاب اليوم موجه لك تحديًدا..

شرط.. أن تكون رجلًا، وعندك استعداد لتحمل القدر الذي عليك من المسؤولية تجاه علاقتك بشريكة حياتك وبيتك.

 وهذا لأن الكتاب موجه لك كرجل حقيقي ومتزن قادر على الاحتواء والتفهم والدعم، كي تجعل زوجتك أنثى حقيقية معك، قادرة على أن تسكن لك وتطيعك عن احترام ومحبة وأمن لا عن خوف واضطرار، ولأنك أنت الرجل 🤷🏻‍♂️ فأنت القادر على أن تحقق ذلك وتجعل بيتك بيتًا طيبًا  بحضورك فيه.

من هي الطفلة؟

أعرف أنك تسأل ما علاقة الطفلة بزوجتي وكيف سأقتلها، لكن اصبر وستفهم.

 مشاعر الأطفال الفطرية فيهم تجعلهم يتوقعون حبًّا غير مشروط ممن حولهم، أي أنه ليس حبًّا يهدد  بفقده في أي لحظة، لا، إنهم يشعرون بأمان عاطفي، ينتظرون ممن حولهم أن يفهمهم بأقل تعبير، وأن يستطيعوا التعبير عما يفكرون فيه بعفوية و تلقائية ودون خوف، ليس منطقيًّا بالنسبة إليهم أن يقارنوا بأحد، ومن حقهم أن يتدللوا ويتمتعوا بصحبة من يحبون.. هذا المزيج هو ما يجعل تصرفات الأطفال تلقائية وبريئة وجذابة جدًّا، وكلما كبر الشخص وهو محتفظ بطفولة قلبه، كان محبوبًا وقريبًا من المحيطين به.

وهنا سأسألك سؤالًا، يفرح الرجل عادة عندما تكون زوجته مؤمنة به، وتحتاج إلى وجوده، وتراه أفضل رجل في الدنيا، وليس هناك غيره، صحيح؟ 

صحيح

جميــل، هذا بالضبط هو دور الطفلة التي بداخلها، التي ستجعلها إن حدث خطأ من زوجها جعله  في موقع انتقاد من الناس وشعرت بتألمه من ذلك، تقف معه وتجد له كل المبررات التي تحفظ صورته أمامه وأمامها، وتخترع له أعذارًا، وتدافع عنه بكل الطرق، لأنها ممتلئة بإيمانه بها ودفاعه عنها ولأنه لم يخذلها قط، لكنه لو كان ينتقدها في كل كبيرة وصغيرة ويقلل منها أمام أهله، فسترى خطأه دون أي تجميل ومن المحتمل أن تزيده في عينه.

 وهي نفس الطفلة التي لو تغير شكل زوجها ولم يعد مهتمًّا بمظهره ستظل تراه توم كروز، لاطمئنانها بتقبله لها في كل تقلباتها الشكلية وشعورها بصدق وفائه لها، لكنه لو كان يشعرها من البداية بتهديد أنها لو فقدت أي شيء من جمالها سيزهد في حبها، فإنها ستلاحظ كل تغير سيئ فيه وتراه بعدسة مكبرة.

لذلك عزيزي الرجل يبدأ موضوع أن تكون علاقتكم أحلى من عندك، أو يبدأ من مرحلة اختيارك لزوجتك أصلًا.

الاختيار

وهو ما لن نفصل فيه كثيرًا، لكن من المهم أن تبحث عن البيت الذي تستطيع إسعاده بسهولة، شخص قريب من توجهك وفكرك ورغباتك ومستواك، فلا يكون بيتًا طلباته المادية كثيرة، وأم العروسة تقول لا، لن تكون شبكتها أقل من ابنة خالتها، فانتبه، في هذا النمط من التفكير غالبًا ستجد نفسك تلهث طوال الوقت، ليس مجرد شبكة ستشتريها، ففكر هل ستستطيع التكيف مع هذا النمط أصلًا من البداية؟ 

 والأمر الثاني لا تقل لفتاة تريد الزواج منها لقد عرضت علي فتيات كثيرات أجمل منك وفي مستوى أعلى، لكنني اخترتك لأنك مؤدبة، من فضــــلك ..مــــــــــن فضلك اتركها في حالها، ووفر تنازلك العظيم، ولا تقتل أنوثتها من قبل أن تتزوجها حتى، ولا توافق على واحدة ترى فيها عيبًا لن تستطيع تجاوزه وستظل ترى أنك تفضلت عليها عندما قبلت بها، لأنها بالنسبة إلى غيرك كانت ستكون كنزًا وهي كل ما يريده، فلا تسجنها معك وتظلمها وتظلم نفسك من البداية.

بيت مستقل

كذلك أي رجل يحتاج قبل الزواج إلى أن يكون مؤهلًا لفتح بيت خاص به هو، بيت مستقل عن أهله وتدخلات إخوته وتحكمات أمه، لو لم يكن قادرًا على أن يكون مستقلًّا ببيته عن أهله فهو ما يزال غير مؤهل للزواج.
وهناك نموذج لا بد من إلغائه، نموذج الرجل الذي يكلم زوجته أمام أمه وإخوته بخشونة كي يظهر أمامهم رجلًا مسيطرًا، لكن لا بهذا الشكل لا يعد رجلًا ولا مسيطرًا بالعكس، إنه يتركهم يفرضوا عليه صورة مسيئة جدًّا لا يقبلها على أخته حتى، وستراه زوجته تابعًا لهم، وستكره زيارة أهله، والأهم ستفقد شعور الأمان بصحبته، الرجل لا بد أن يتذكر دائمًا أن كرامة زوجته من كرامته هو، وأن صورته كرجل تهتز في نظر زوجته بمجرد أن يكون سببًا في أن تنكسر صورتها هي أمام الناس، لأنه من المفترض أن يكون بالنسبة إليها الأمان والحماية. 

الاختلاف

هناك شيء يحدث مع كثير من الناس بعد الزواج، إنها تعجبه لكن شيئًا ما يقلقه من ناحيتها، انطباعه الأول عنها، وليكن إحساسه أنها جادة ولا تعرف المزاح، كانطباع أولي كان هذا مقبولًا، لكن الفخ الذي يحدث أنه يظل يكرر الفكرة في داخله، ويبدأ في معاملة زوجته على هذا الأساس إلى أن يتحول الأمر عنده إلى عقيدة: أنا متزوج بامرأة كئيبة، أهذا زواج أم تكفير ذنوب وهكذا، مع أنه هو من عزز الفكرة داخله وداخلها!

 بدلًا من النظر إلى شريكته بشيء من الحب والرحمة ويفهم طباعها وميولها التي يمكن أن تكون بسبب ظروف نشأتها المختلفة عنه، إننا لا نحتاج إلى إصدار أحكام وتصنيف شركائنا، ولكن نحتاج إلى أن نفهمهم ونتقبل اختلافهم، ونرى مكمن الجمال في هذا الاختلاف بدلًا من التركيز على مساوئه، ونفكر كيف يمكن أن يكمل بعضنا بعضًا. 

 الرجل صياد والمرأة طاهية

وغير اختلاف الطباع هناك اختلافات فطرية في طبيعة الرجل والمرأة يسبب عدم فهمها كثيرًا من المشكلات، ومن أكبر هذه الاختلافات أن الرجل بفطرته صياد أما المرأة فهي بفطرتها طاهية، بمعنى؟  

الرجل دائمًا همه أن يرجع لأهله "بالفريسة"، التي تمثل الكفاية والشبع والحماية، وفشله في ذلك ورجوعه لهم دون شيء من أكثر الأمور التي تؤلمه كرجل، وبطبيعة الحال لا صيد سهل، لذا فإنه بمجرد نجاحه في الصيد تكون نهاية المهمة بالنسبة إليه ويكون في أعلى درجات الرضا.

 لكن المرأة طاهية، مهما كان الصيد ثمينًا فلو لم يكن هناك ملح فلن تعرف كيف تطبخه، وبالنسبة إليها وصول الصيد هو بداية المهمة أصلًا وليس نهايتها، وتركيزها يكون على تفاصيل كثيرة تحتاج إليها لإتمام المهمة، وهو ما يسبب خلافات وسوء فهم بين الرجل والمرأة، فتجد الرجل عائدًا بخبر مفرح جدًّا يمثل عنده  صيدًا ثمينًا،  في حين تركز المرأة على تفاصيل أكثر غير موجودة بعد، فتسأله وهل فعلت كذا؟ وماذا سيحدث في كذا؟ فيثور ويغضب ويشعر أنها تبحث عن الناقص أو تقلل من جهده، وهي لا تقصد ذلك فعلًا لكن هذا جزء من طبيعتها، وفعلًا الصورة الكلية لا تكتمل دون التفاصيل، والتفاصيل لا تكتمل من دون صورة كلية..

لذا فالحل أن يتفهم الاثنان ويقدر أحدهما الآخر، هي تقدر ما يفعله، وهو لا يأخذ كلامها على أنه عدم تقدير ولكن اهتمام أكبر.

 وهذا يأخذنا إلى نقطة مهمة جدًّا وهي الاعتراف بالفضل، فكما تحب أن تقدر مجهودك في العمل وتعبك من أجلهم، فمن المهم أن تقدر مجهودها، ولا تفترض أن أعمال البيت والأطفال سهلة على زوجتك أو أنها مصممة بكتالوج لها، لا، فكثير منه شاق عليها، ويمكن أن يكون أكبر من مشقة عملك في أوقات كثيرة، (ويمكن أن تجرب بنفسك يومين فقط مع الأطفال قبل أن تقول لا طبعًا)، فلا بد أن تقدر مجهودها ولا تستخف به وتجعل بينكما تقديرًا واعترافًا متبادلًا بالفضل.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الحضور الحقيقي في البيت

 أسألك سؤالًا، لو أن شركة دولية فتحت فروعًا  في قرى كثيرة وتركت الفرع الرئيس في المدينة دون اهتمام.. شيء غير منطقي، صحيح؟ كذلك إحسان الرجل للآخرين واهتمامه بأصحابه مع تركه لبيته دون اهتمام ليس له أي معنى، بيتك أولى بالبر وبعد ذلك يأتي أي شيء آخر..

كثير من الأزواج يتخذ وضعية أن البيت للراحة فقط،  فأن تطلب زوجته منه أن يصلح المصباح أو يرفع شيئًا بالنسبة إليه مأساة وتكون هي بذلك مزعجة ولحوحة، الفكرة أنها لو كانت تكرر الطلب فليس معناه أنها لحوحة ولكن معناه أن الطلب لم ينفذ 🤷🏻‍♂️ وهو لن ينفذ تلقائيًّا بالتأكيد. 🤷🏻‍♂️

فأن تضع الراحة رقم 1 هو ما كان خطأ من البداية وهو ما جعلك تمل من كل طلب، أنت رجل البيت في النهاية ولست مجرد ماكينة atm.

 كذلك عندما تكون في المنزل كن حريصًا على أن يكون لك حضور حقيقي في حياة زوجتك وأطفالك، ترى احتياجاتهم، تشاركهم تفاصيلهم، تحضّر معهم المائدة، تصنع طائرة ورقية لطفلك، تمسك لزوجتك قماشًا تقصه، الحب ليس بالغزل أو الهدايا فقط، ولكن بحضورك الحقيقي في حياتهم وتقربك منهم، أن يحكوا لك ما يحدث معهم ولا يحاولوا أن يخفوه عنك، ينتظرون رجوعك عند خروجك، ولا يقولون الحمد لله أخيرًا، هذا معنى أن تكون رجلًا حقيقيًّا في بيتك، ويجعلك أكثر رحمة وشعورًا بهم، ويجعلهم ممتلئين بك ولا يبحثون عن اهتمام من أي عابر سبيل في حياتهم.

التفاصيل المتعبة

نأتي للأمور التي تحرج بعض الشيء لكنها مهمة جدًّا.. هل تظن أن هناك رجلًا يحب أن يعذب بشيء يكرهه في زوجته  وهي تستطيع إصلاحه؟ بالتأكيد لا، جميل، هل هي تحب أن تعذب بشيء فيه؟ بالتأكيد لا أيضًا.

جميل.. لذا لا يجب أن يكون الرجل غير مهتم بعيوبه ولا يحاول إصلاحها، أو غير مهتم بمنظره أو نظافته الشخصية ويعتقد أن على شريكة حياته أن تتكيف مع ذلك، فبهذا  ينشأ داخلها نفور تتحرج من توضيحه إلى أن تسوء الأمور تمامًا، فتضطر إلى التلميح له، فيأخذ الأمر على كرامته، والصحيح أن يكون حريصًا على ذلك من البداية، لأنه لا يوجد شخص سوي يحب أن يعذب بغيره، والأهم أنه لا يوجد شخص سوي يحب أن يعذب أحد به! 

 أمر آخر مهم نغفل عنه كثيرًا، هو أن نحفظ جمال شريك حياتنا في عيوننا، ونحفظ عيوننا من الوقوع على ما لا نحب رؤيته، ويكون ذلك بأن نحفظ خصوصية شريك حياتنا، ولا ندخل عليه وهو يقوم بأي من أعمال النظافة الشخصية، فلا ندخل الحمام بعده مباشرة، ونعطيه مساحة لأن يتعطر ويتهيأ قبل أن نقترب منه، وهكذا.

ماذا بعد.. ماذا بعد، أعطها وردًا يا إبراهيم، أعطها وردًا يا أخي لماذا لا تفعل؟

الإشباع العاطفي والحسي

فيمكن أن نفهم أن الرجل غير قادر على أن يوسع على امرأته ماديًّا، لكن غير المفهوم وما لا عذر له ألا يوسع عليها عاطفيًّا، فلا شيء يمنعه أن يحضر لها وردًا فعلًا ويقول لها كلامًا حلوًا، ويربت عليها، يقبّلها قبل أن يخرج وعندما يرجع، يأخدها في تمشية وحدهما، يسمعها باهتمام، يحزن لحزنها ويفرح لفرحها، يمدح جمالها ولباسها واختياراتها، ويشجعها على الاهتمام بنفسها عامة ويعزز فيها أنوثتها.

لكن الجفاف وكثرة الانتقاد وعدم الاهتمام، أو أن الرجل عندما يراها تفعل شيئًا جديدًا أو تطلب منه كلامًا حلوًا فيقول لها "ألم نكبر على هذا الكلام؟!"،  إنه بهذه الطريقة يقتل أنوثتها حرفيًّا وبحولها إلى امراة جافة، الرجل نفسه سيفتقد أنوثتها بعدها ويقول أين هي؟ لأن الزوجة بهذا الشكل تعاني حرمانًا عاطفيًّا شديدًا رغم أنها متزوجة، ورغم إن هذا احتياج أصيل عندها مثل حاجة الرجل للمتعة الحسية مع زوجته.

 وهذا يأخدنا لنقطة مهمة جدًّا وهي أن كثيرًا من الرجال لا يعرفون احتياجات زوجاتهم جسديًّا وأن طبيعة الاستمتاع عندها تختلف عن طبيعته كرجل، بل إنه لا يفكر فيها كطرف له حق الاستمتاع أصلًا، فينتهي الحال بامرأة متزوجة لكن حاجتها الجسدية غير مشبعة!

والحقيقة أن الإشباع العاطفي والحسي للمرأة من قبل زوجها ليس من باب الفضل، بل هو من حقوقها الأساسية التي يكون القصور فيها خادشًا لرجولة الرجل.

عين الرضا والتقدير

بالطبع أنت تقول الآن هل كل شيء أنا من سيفعله ولن تفعل هي شيئًا؟!

اهدأ فقط.. أولًا هذا بالفعل كتاب للرجال ولا يتكلم في شيء غير كونك رجلًا حقيقيًّا في بيتك يتعامل بالفضل في جميع الأحوال، لكن في العموم لو أردت كتابًا لامرأتك ما عليك إلا أنك ترسل إليها ملخص كتاب "كيف تبنين بيتًا سعيدًا" من على تطبيق أخضر وغيره الكثير لكما لتحسين علاقتكما العاطفية.

 ولكن انتبه إننا أحيانًا نظل متمسكين بأن العيب من الطرف الآخر وأن خطئي ما هو إلا رد فعل وما إلى ذلك، لكن لا بد من أن نصارح أنفسنا بأن لنا عيوبًا فعلًا وأن نعبر الجسر تجاه بعضنا بشجاعة، وستكتشف أن صعوبة مداواة العيب الشخصي أقل بكثير من تكلفة البقاء بنفس الوضع المتأزم بينكما.

 وآخر ما سأوصيك به أننا نحتاج إلى أن ننظر إلى شريك حياتنا بعين الرضا والتقدير والرحمة، وخصوصًا عندما نكون مدركين لتعبه من أجلنا، ملامح الزوجة التي نامت مرهقة جدًّا بعد يوم طويل مع الأولاد تزيد في نفس الزوج المحب عاطفة ورحمة أصدق من ملامحها وهي في كامل زينتها، وملامح الراجل وهو عائد من عمله بعد يوم صعب ومرهق في سبيل راحة أسرته من أكثر الأمور التي تجمله في عين الزوجة المحبة.

 نرجو لكم حياة زوجية مليئة بالود والرحمة..

سلام