زوج صالح.. زواج ناجح

Book-Cover

 

أخي المسكين.. تخيل نفسك جالسًا في يوم تشرب كوبًا من الشاي، وكل ما ترجوه ألا يفسد عليك أحدهم لحظة الهدوء هذه، ثم تدخل عليك امرأتك -ستقول لي لكني لست متزوجًا- سأقول لك= تخيل يا أخي تخيل! وتجدها منهارة وتصرخ وتقول لك إنها كانت شُعلة منيرة قبل أن تتزوج بك وإنك قد أطفأتها!
ولسان حالك يقول: أنا يا بنتي؟ 

أخي الإنسان.. إننا نعلم أنك مسكين، ولا تقصد إطفاءها ولا أي شيء من هذا القبيل، لكنها لن تتهمك بلا سبب! 

فتعال أبسط الأمر لك.. وأقول لك ما الذي يجعلك تعيش ملكًا في حياتك الزوجية، وما الذي يجعل زواجك مثاليًّا ويجعل زوجتك أفضل زوجة في الدنيا.

لكن في البداية دعني أشرح لك معنى كلمة:

 أولا القوامة للرجال: 

- لو أردت مني أن أشرحها لك من منظور غربي بحت، سأقول لك إن روبرت مارك صاحب هذا الكتاب، كانت تقول عنه زوجته إنه مثل كل الرجال.. "أشكو له كثيرًا ولم يكن يسمعني".. وكان مليئًا بعيوب لا يستطيع رؤيتها، ولكن لأنها كانت مصممة على إنجاح هذا الزواج ظلت وراءه إلى أن بدأ في التغيير من نفسه وإلى أن أصبح زواجهما مثاليًّا، وقتها كتب هو إن مسؤولية إنجاح الزواج كلها على الرجل وليست على المرأة! لأن كل ما تريده المرأة أن تجعل علاقتها مع زوجها أفضل، لكن الرجل لا ينتبه لذلك ولا يعرف الطريق إليه!

 

وليس معنى أن المسؤولية كلها على الرجل أننا نهاجم الرجال، لا بالعكس، إننا هنا لسنا في موضع تعنيف ولا حكم على الناس، ولكن أحيانًا يمكن أن يرتكب الرجال بعض الحماقات أو يتكلمون في لحظات عصبية فتشتعل الأجواء بدلًا من زيادة الألفة! وأحيانًا ينسى الرجال أنهم يتعاملون مع امرأة لها طبيعة مختلفة عنهم تمامًا، وتجده يعامل امرأته كما يعامل صاحبه اللذان يتصالحان بأن يأكلا معًا في أي مكان! في حين أن المرأة تحتاج إلى بعض المشاعر والإحساس بها وبحزنها!

- ولو كنا سنتكلم من وجهة نظر دينية، سأقول لك إن قوامة الرجل تعني مسؤوليته عن الشخص الذي يرعاه وعن صلاح أو اعوجاج العلاقة، فالقوامة ليست هدية للرجل على قدر ما هي اختبار له ومسؤولية سيسأل عنها ومعنى عظيم جدًّا.

 

لذا فإن هذا الكتاب سيجيبك عن سؤال: متى تعرف أنك رجل حقيقي، ومتى تعرف أنك أحمق في العلاقة؟!

ثانيًا ماقبل التغيير

كثير من الرجال سيقولون الآن إن المشكلة ليست في وحدي.. فأنا أشعر في أحيان كثيرة أنها لم تعد تحبني.. وليست منجذبة إليّ من الناحية الحسية ولا في العلاقة الزوجية حتى.. وتشعر دائمًا بالغضب من ناحيتي.. سأرد عليك وأقول إن المشكلة بسببك أيضًا والحل في يدك.. وهذا ليس كلامي إنه كلام الكاتب.. الذي يقول إنها لم تتغير برغبتها!

وكل ما عليك فعله لكي تصبح سعيدًا مع الزوجة التي حلمت بها، أن تكون الزوج الذي كانت تحلم هي به، وساعتها لن تشتكي أنها تشعر بنفور منك أو ليست سعيدة معك وتعاندك على الدوام.

- وهنا لا بد أن تعرف:

1- أن المرأة بفطرتها لو شعرت بأنها محبوبة وأن من أمامها يبذل مجهودًا من أجلها فإن طبيعتها تفرض عليها أنها لا بد أن ترد له هذا الحب والإهتمام، وأن تفعل كل ما يمكن أن يجعله سعيدًا.

2-  وتعرف أنك تستطيع أن تبدأ في إصلاح العلاقة في أي وقت، سواء كنت متزوجًا حديثًا أو حتى كنت متزوجًا من ربع قرن كصاحبنا الكاتب.

3- وضع في اعتبارك أن هذا الأمر سيأخذ منك وقتًا كبيرًا حتى تغير كل الصفات السيئة لديك، وسيأخد مجهودًا كبيرًا حتى تعتاد شخصيتك الجديدة.

4- لا بد أن تعرف أن كونك رجلًا صالحًا أو سعيك لذلك ليس أمرًا اختياريًّا، هذا واجبك تجاه زوجتك وأولادك، وأن جوهر الرجولة يتمثل في أداء الرجل لواجبه دون تقصير.

أما بالنسبة إلى زوجتك فلا بد أن تعرف:

1- أن الرجل يحتاج إلى أن يشعر أنه قوي ومسيطر، وأنه غير جيد في تكوين العلاقات الاجتماعية المتشعبة المليئة بالتفاصيل، وأن ما يزيد عنده الإحساس بالقوة ليس كونه وسط أناس كثيرين، فستجدين أنه يهرب للعزلة والتليفزيون، وستجدينه قليل الكلام مستقلًّا بذاته، يرى دائمًا أن الضعف في الاحتياج للغير، ومسؤولية المرأة في أن تحاول تغيير ذلك.

2- كذلك من واجبات الزوجة أن تعلم أن لها الحق في فرض أعلى المعايير السلوكية  على زوجها، يعني  أن تفرض عليه أن يعاملها أحسن معاملة، وتفرض عليه الصدق والأمانة والإنفاق على بيته، وتعرف أنها لو تخلت عن حقوقها سيصبح من المسلّم به إن هذا هو العادي وأنه ليس لها حق!

3- لا بد أن تكون الزوجة أكثر التماسًا للعذر لزوجها، وأن تكون متقبلة لأن مرحلة التغيير تستغرق وقتًا، وأن الزوج يمكن أن يكون قد نشأ في ظروف قاسية وأسرة مفككة، ومن ثم فإنه رغمًا عنه سيشعر أن هذا هو العادي، وسيتعامل مع الزوجة كما كان يرى في بيته.

4-  لا بد للزوجة أن تعرف أن الرجل عملي بطبعه، يريد أن يحقق أقصى استفادة من الوقت، وأن يرتب أولوياته ومهامه، ففكرة أن يجلس مع زوجته بلا هدف ويتكلم معها ويعتذر عندما يخطئ ويسمعها، يمكن أن تكون بالنسبة إليه مضيعه للوقت. -لو لم تكن قد تزوجت ستقول لا إن الأمر سهل وعندما أتزوج سوف أستمع إليها بسبب ومن دون سبب ولن أتركها حزينة وكل هذا الكلام- سأقول لك كلنا نكون سوما العاشق قبل الزواج..

وبعد الزواج تصدم بأنك تتحول تلقائيًّا إلى نفس الراجل الذي تشكو منه كل النساء، حتى إن هناك مقولة تقول إن الناس ستستمر في الزواج ما دام كل شخص يظن أن تجربته هو بالذات ستكون أفضل من تجارب كل من سبقوه، وأنه لن يخطئ مثلهم في أي شيء.

لكن لكي لا تخطئ فعلًا أو لكي تصلح حياتك الزوجية، فإنك تحتاج إلى بعض الأمور وهي ما هنتحدث عنها في:

ثالثًا:  ما يجب على الزوج

سأحكي لك سيناريو سحدث مع أغلب المتزوجين في فترة ما من حياتهم، أن المرأة تظل فترة تحاول التودد والتلطف لزوجها، تحاول أن تتكلم معه وتتقرب منه، وتحل أي نزاع بينهما، إلى أن تجد حائط صد دائم، وتجده في موضع هجوم أغلب الوقت، دائم الغضب والعناد! ساعتها تتوقف المرأة عن المحاولات وتبدأ في ملاحظة أنها متغيرة وباردة وغضبانة.

فكل ما على الراجل أن يدخل ساحة الزواج مرة أخرى في دور المستمع لا المهاجم.. دور الإحسان في القول والفعل بدل الانتقاد الدائم.. دور تقبل فيه أن لديك عيوبًا تحتاج إلى أن تتغير لا أن تعتبر أن كل مشكلة هي السبب فيها.

وهذا ينقلنا إلى نقطة مهمة وهي أن معظم الزوجات تشعر بالوحدة الشديدة بسبب طبيعة زوجها وإهماله لها، بل قد يصل في بعض الأحيان إلى أن الزوجة تصاب بالاكتئاب من فقدان التواصل والكلام الطيب وإظهار الاهتمام، أو كلمات الشكر وإظهار أنها مهمة وأنك تحتاج إليا.

- يا إلهي! ماذا تريد النساء إذًا؟ 

أعلم يا صاحبي أن السؤال يبدو سؤالًا أسطوريًّا، لكنه في الحقيقة بسيط جدًّا، يقول الكاتب إن كل ما تحتاج إليه الزوجة هو إشعارها بالحرية، أنها قاردة على أن تختار وتتخد قرارًا، فجرب ولو لأسبوع واحد أن تترك لها حرية الاختيار في أي شيء، وتوافق على كل كلامها ولاحظ كيف ستكون سعيدة وكيف ستجعلك سعيدًا بكل الطرق!

ولنرجع إلى السؤال الذي  سألناه من قبل، كيف أعرف أنني رجل حقيقي وكيف أعرف أنني أحمق؟ اسأل نفسك من أكثر شخص تريد مصلحته وراحته وتسعى في حياتك الزوجية لخدمته؟ لو كانت الإجابة هي "أنا" فاعلم أنك أناني وأنك لا تفعل شيئًا لأهل بيتك وهو ما سينقص فورًا من رجولتك، وأريد منك أن تتأكد أنك عندما تقوم بمساعدة وراحة أهل البيت فإن هذا سيعطيك إحساسًا عظيمًا برجولتك.

- ولكي تكون زوجًا رائعًا اسأل زوجتك ما الأمور التي يمكن أن تجعلك مثاليًّا في نظرها، وفكر في هذه الأمور كل يوم لكي ترى ما ينقصك منها.

- كلم زوجتك عن عملك وعن رغبتك في الموازنة بين حياتك الزوجية وبين العمل لأنك تعرف أنك مقصر معها بسببه، أشعرها أنك فعلًا تبحث عن حل واجعلها تبحث معك، وهنا ستعرف هي حجم المعاناة التي تعيش فيها وستعذرك أو ستبحث معك عن حل فعلًا.

- لا بد أن تعرف أن هناك خمس أكاذيب يرددها الأزواج عندما تطلب زوجاتهم منهم أن يتغيروا : 

1- أول كذبة أن يقول الراجل أنا لا أرى أن بي ما يحتاج إلى تغيير أصلًا، ما يعني أن العيب فيكم أنتم!

2- ثاني كذبة: أن يرمي الرجل كل شيء على المرأة ويقول هي التي تحتاج إلى أن تتغير، هي الغاضبة دائمًا والصعبة الإرضاء، والحقيقة أن سلوكيات المرأة في معظم الأوقات تكون رد فعل على أفعالك الخطأ فقط! وحتى لو كان عندها عيوب تحتاج إلى تغيير فإن لديك كثير تشكو هي منه، وأنت صاحب الأثر الأكبر.. من الشجاعة أن تعترف بعيوبك وأخطائك، وهذه أول خطوة في التغيير وأول علامة على استعدادك وصلاحك.

3- الكذبة الثالثة أن يقول سأتغير لكن بعد أن تتغير هي! أخي الإنسااااعاان.. توقف عن حجج البليد هذه! أنت أكثر رجولة من ذلك وتفهم معنى الرجولة.

4- رابع كذبة يقولها الرجل أنه لا شيء سيرضي زوجته فلا داعي للتغيير، وهذا بالطبع ليس حقيقيًّا، لأن المرأة تلاحظ أقل التفاصيل وتفرح بها وتعبر عنها، فسوف تجد نتيجة فورية!

5- الكذبة الخامسة أن تقول "لن أستطيع أن أتغير.. أنا مولود بشخصيتي هذه!" وهذا ليس حقيقيًّا، إن داخلك إنسان جيد، إنت من تدفنه وتحتاج إلى أن تتعامل بهدوء إلى أن تخرج شخصيتك هذه.

هل كل التعليمات "ما يجب على الزوج"؟ أليس على الزوجة شيء؟

رابعًا: مايجب على الزوجة:

ربما يكون دور الزوجة في إصلاح العلاقة صغير لكنه مؤثر جدًّا..

1- وأول ما يجب على المرأة فعله هو احترام الخطوط الحمراء للزوج التي تشعره برجولته، حتى في أثناء مناقشته في أخطائه، ولا يجب أن تحتد في الحديث مرة واحدة حتى لا يأخد وضع الدفاع ويتوقف عن السماع.. فبعد أن تقول المرأة عيوبه فعليها أن تحاول تخفيف ذلك ببعض من مميزاته، حتى لا يشعر أنه قد فقد رجولته ولم يعد يساوي شيئًا.

2- كما أن على المرأة أن تكون واضحة في طلباتها وألا تجعلها مبهمة وغير واضحة؛ هذا سيصلح العلاقة، فلا تقل "أنت لا تقدّر شخصيتي"، ولكن تقول "إنك تحتاج إلى أن تسمعني عندما أتكلم، لابد أن تتوقف عن لغة الإهانة أو التهديد التي تتكلم بها، لا تنظر إلى واحدة غيري، لا تعاملني كخادمة" فالراجل بالمناسبة بسيط ويحتاج فقط إلى أهداف واضحة توضع أمامه وسيحاول تحقيقها ويمكن أن يتخذها تحدٍّ لنفسه.

3- وعمومًا افلرجال يحبون الجدال وبارعون فيه وعندهم من الحجج والبراهين ما يستطيعون به قلب مجرى الحديث، فلا بد أن تكون الزوجة حريصة على عدم إدخالها في الجدال أصلًا، وعدم إدخال أمور قديمة في وسط النقاش المجرى، لا بد أن يكون عندها حكمة وحسن تصرف وأن تفكر قبله وتبادر بالكلام، ولو أرأدت أن تكسب النقاش وتوصل له أخطاءه فعليها أن تكون صادقة معه ومع نفسها، الصدق يوصل الشخص إلى غايته بسرعة.

4- كذلك لا بد أن تبحث المرأة عن بعض الصفات التي تشجع الرجل وتجعله يستمر، فكلما لاحظت المرأة أي تغيير جيد عليها أن تشكره عليه وتبدي تعجب به وتمدحه، لأن المكافأة على أي سلوك تحفز على تكراره.

7- ومن الذكاء أن توضح الزوجة لزوجها أن رحلته في الوصول إليها وأن يكون زوجًا صالحًا هي نفس رحلته للوصول إلى ذاته المثالية، فهو بهذا يساعد نفسه قبل أن يكون يساعد زوجته.

8- وكما أن الزوجة تريد منه أن يحترم مشاعرها ويقدر أفعالها ويعذرها، فلا أن تبادر هي أيضًا بهذه الأفعال، ولا بد أن تتقبل مشاعره وتحاول أن تحتويه عندما يكون حزينًا، لأننا لسنا في حرب وكل منا يحاول أن يثبت أنه على حق.

9- وواجب الزوجة أن تفكر دائمًا في أفعالها وأقوالها، هل ستقربهما أكثر؟ أم أنها ستزيد الفجوة بينهما؟

______________

وبعد أن تحدثنا عن مسؤولية الرجل -الكبيرة جدًّا- ومسؤولية المرأة في مساعدته، وأنه لا توجد علاقة بلا خلافات، ولا شيء يكون مثاليًّا من دون مجهود.

 

في النهاية أريد أن أقول لك إنني أعرف أن المسؤولية عليك كبيرة، لكنها ضريبة الرجولة، وأعرف أن تطبيق هذه النصائح يمكن أن يكون صعبًا، لكن صدقني جزاء الإحسان دائمًا إحسان، وما ستتعب من أجله الآن ستجني ثماره في ما بعد، في علاقة مليئة بالمودة والرحمة وأسرة سوية سعيدة.

 

جرب مرة أن تستسلم.. ليس استسلامًا بمعنى الهزيمة.. ولكن استسلام الحب والمودة والرحمة.. كلنا نعلم أنك الطرف الأقوى في العلاقة وأنك صاحب الحجة والبرهان ، لكن ليس ضروريًّا أن تنتصر في كل نقاش أو خلاف بينكما.. جرب في مرة أن تخسر بإرادتك.. وستلاحظ ساعتها أن ذلك قد زادك قوة.. وتذكر بيت الشعر الذي تعرفه: "قالت غلبتك يا هذا فقلت لها

لم تغلبيني ولكن زدتني كرمًا

بعض المعارك في خسرانها شرفٌ 

من عاد منتصرًا من مثلها انهزما" 

 

سلام